الثلاثاء، 15 مايو 2012

قبلة يهوذا



قبله يهوذا
روايه


بعض الأعمال تحدث فينا أثراً ، تغير شيْ ما وتفتح لنا أفاقاً جديده .. هكذا أعمال لا تكون جميله رائعه وحسب
بمعرض الكتاب العام الماضي كانت رواية " قبلة يهوذا " من بين مشترياتي ، لم أكن اعرف قبلها شيئاً عن قبلة يهوذا ولم اكن اعرف الرواية التاريخيه الدينيه لها وكذلك كثيرنا منا ايضاً كما اظن لم يكن يملك معلومة عن ذلك
 ترى لما هي من انذل البوادر ؟ أليس هذا كافياً لتحريك الشغف لمعرفة ذلك ؟
قبل البدء بقراءة الرواية حرصت أولاً على معرفة الروايه التاريخيه المسيحيه حول هذا الموضوع ، وكما بحثت عنها بالانترنت ، تحدثت بها الشأن مع بعض الاصدقاء المسيحين حتى تكتمل عناصر الرواية لدي .
كان يهوذا من الحوارين تلاميذ المسيح الذين ءامنوا به ووقفوا معه ، كان المسيح يعرف ان احد اصدقائه  سيخونه ، فعندما اجتمع بهم على العشاء بأخر مره اخبرهم ذلك ، وقد جسد هذا الحدث من قبل دافنشي بأروع ما يكون بلوحة العشاء الأخير .

Leonardo da Vinci (1452-1519) - The Last Supper (1495-1498)


 كانت العلامه التي اتفق عليها يهوذا مع الروم لدلاله على المسيح هو ان يقبله يهوذا ، وذلك مقابل 30 دينار فضه .
يأتي أوبير برولونجو بهذه الرواية ليعرض لنا تاريخاً مغايراً لما أورثنياه التاريخ من رواية بشأن يهوذا ، فيقدم رواية أخرى تكشف لنا الستار حول العلاقه بين قبلة يهوذا والأهداف التي كان يسعى إليها .
يعرض الكاتِب حياه يهوذا منذ طفولته حتى لحظه موته عارضاً الكثير من المواقف التي ساهمت بتشكيل شخصية يهوذا منذ ان صلب والده والكلمات الأخيرة التي اوصاه بها

" ليس عندي كثير مما أريد قوله لك يا يهوذا ، أنت صبي شجاع . أنت تعرف شقاء بلادنا .. لكن الله معنا ن وسنكافح ... لا تقبل ابداً بشريعه غير شريعته .. كُن أميناً له .. لخ ولأرضنا .. أنت ستشيخ كثيراً هذه الليّله يا ولدي .. ستكتشف الحُزن والثورة في آن معاً ، لا تحتفظ إلا بالثانية ، لكِن لا تدعها تهجرك أبداً فالأسوء هو أن تحيا نائماً " (1)

كان يهوذا حاقداً على الرومان وشارك بالأعمال الثوريه ضد الرومان منذ ان كان صغيراً مع والده ثم مع صديق والده – باراباس – الذي رسخ فيه الثورة ومعانيها واهدافها . وعلمه الكثير ..
ثم ألأف الحياه الرغيده بعد زواجه وبعد انجابه لطفله لكن القدر ، كان يخبأ له الكثير من الحُزن فقد توفيت زوجته وابنه معاً فبعث ذلك الكره والحقد بقلبه ضد الرومان ، فالتحق بباراباس مره أخرى وقاتل معه ..
التقى بالمسيح فاعجب به وبما يدعو اليه من افكار ومبادئ وما يعد به من ملك ونصر ، كانت اهداف المسيح مختلفة عن اهداف يهوذا ، اهداف ذات طبعه دينيه تقوم على نشر السلام والمحبه كان يريد الثورة من خلال الصبر والإنتظار والصلاة رجاءاً بعالم آخر يعوض المظالم بينما كانت اهداف  يهوذا دنيويه يريد الثوره بالسلاح ورغبة بالملك . فتعارض الطريق بهذه النقطه .لذا كانت خيانة يهوذا للمسيح .
لم تكن الخيانه مقابل 30 دينار فضه ، وإنما رغبة بشد المسيح نحو أهدافه وطريقته لتحقيق النصر ضد الرومان ، اراد ان يضع المسيح بموقف محرج فيضطر المسيح للأخذ بزمام الأمور وقيادة الثورة ضد الرومان .

" لكن ما عساي أقوله لكل الذين هناك ؟ كل الذين ينتظرونك ؟ إنك ستخذلهم بصورة مفجعه

 لن اخذل سوى أولئك الذين لم يفهموا ما جئت لأقول لهم

كانوا يريدون منك السعادة والحرية هنا الآن

وأنا اقدم لهُم  حرية أكبر من تلك التي كانوا يحلمون بها

قلت لنا" أنا اعدكم بمملكة "

ملكوت السماوات لا قلعه حصينة علي الأرض

كانت جراحه تقلص قسماته وعبر بينهما جرذ لم يفكر أي منهما في في طرده

لا تعتب علي يا يهوذا انا لم أعد قط إلا بثورة داخليه وانت تكابر وتنتظر شيئاً آخر لم أعد قط علي هذه الأرض إلا بالاضطهادات وأنا أول من يتحملها .. لم تتقاطع طريقانا إلا لحظة . وانت لم تفهم قط ما حاولت أن أقوله لك لكنني أحببتُك وأغفر لك (2)


كانت خطة يهوذا كالآتي ، يسلم لهم المسيح ، وخلال النطق بالحكم وكما هي العاده الرومانيه سيسمح للشعب ان يختار واحداً فقط لاطلاق سراحه ، سيجعل الناس تطالب بباراباس ، والجمهور سيتكفل بمحاصره القصر لأنهم يحبون المسيح يضطر المسيح أمام ذلك أن يتولى الثورة ويقودها .. ويضطر الرومان بعد محاصرة الشعب للقصر باطلاق سراحه وتقوم الثورة .
لكِن المسيح  كان يعلم بالمصير الذي ينتظره ، و استسلم لمصيره الذي اراده له الله ، فصلب
يشعر يهوذا بفداحه وجرم ما اقترفه فيقرر ان ينهي حياته علي شجره تين .
جاءت الروايه بتاريخ أوضح من الغموض الذي اكتنف رواية التاريخ لنا بشان قبله يهوذا ، وكانت تتناول المسيح ومعجزاته كأمور بسيطه عاديه مهوله من قبل الشعب .

 
تناول الكثيير من الرسامين حياه المسيح ، والأحداث التي مر بها ، خاصة قبلة يهوذا فكانت الايقونات واللوحات كتوثيقاً للتاريخ الديني المسيحي، من بين هذه اللوحات لوحه لكارافجو ملك الضوء وأحد اروع فناني عصر الباروك
يركز كارافاجو الضوء على شخوص اللوحه بينما ما حوله يبدو قاتماً ،
تظهر ملامح الإستسلام علي وجه المسيح باللوحه شابكاً يديه ومستسلما  لمصيره الذي كان يعرفه من قبل ، تغضن جبه المسيح يدل علي الحزن ، حزن من يعرف ان صديقه قد خانه



Caravaggio-Taking of Christ-Dublin -1602

------------------------------
قبله يهوذا - دار الفارابي
(١) ص ١٥
(٢) ص ٤٠٧  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق